هل أنت مع طرب أو
موسيقى أو غناء ؟
التاسع عشر : مفهوم الطرب و الغناء و الموسيقى
أن هذه المسميات الثلاثة يختلط في الأمر فيها على
كثير من الناس , و ليس كثير من البشر , وليس كثير من علماء الدين , و الأمر بسيط
جداً هو : لأن علماء الدين هم أكثر الناس قراءة للكتب و معرفة للاستشراق , و أكثر
الناس فهم لحقائق الأمور , التي يتوه فيها السذج و الجهلاء و الأغبياء , و أفهم
الناس لمنفعة الطرب من ضرره , و أدرى الناس بالفقه و الإلمام بأحكامه , فمثلاً أنك
ليست بساذج طربي سواء كنت من خارج أو من داخل الطرب , فأن رجل الدين يعرف جيداً ماهية
الطرب أكثر من المطرب نفسه , و يفيدك و يحضر لك الفتاوى , و ينفعك بما فيه خير لك
, ذلك طبيعي جداً , لكن ما دخل موضوع رجال الدين في موضع الطرب هذا ؟!!. الأسباب
منها :
1- أن المطرب لا يعطي حقائق الأمور التي تضر به و بطربه و بمستمعيه , لأن
الطرب هو مهنة المطرب التي تكسبه عيشه , ولا يريد قطع عيشه بيده أو بقوله , إذا كان
الطرب مفيد أم لا . فقط تحبيب و جذب الناس إليه .
2- أن العداوة بين المطرب و رجل الدين مستمرة , و حين احتضار المطرب يتذكر
المطرب , بأن رجل الدين قد نصحه من قبل بترك الطرب , ولكن المطرب لم يكترث , و قد
خسر المطرب في حياته لأنه لم يتبع نصيحة رجل الدين , بالعلم بأن رجل الدين إنسان
محب صاحب قلب طيب إنسان خير مصلح بدون مقابل , فيختلف موقع الأثنان هناك , رجل دين
إنسان جميل كريم رائع , و مطرب في محط التفاهة , و ذلك ( على أيش ؟! ) . كله بأسباب الشهرة و حب الظهور
و المال و الأعجاب و المنزلة الفنية بين المجتمع .
3- أن الطرب لو كان منه خير , لأتبعه رجال الدين , ولكن رجال الدين
المسيحيين و اليهود و البوذيين , يفضلون الطرب كوسيلة تقرب .
4- لو عزفت الموسيقى بدون كلمات , فأنها ليست معبرة عن قصد , سوى بالاستماع
والاستمتاع بالنغم المرتب بطرائق عديدة من العزف , هنا إذا يوجد طرب موسيقي , وليس
غناء مطرب , و لا يوجد هنا مغني , فالمشكلة ليست في النغمات , أن المشكلة في
المستخدمين للموسيقى , قد يستعملون الموسيقى كوسيلة و قاعدة للطربان الأثنان , طرب
الجسم و طرب العقل , أما طرب الخاطر فأنه مرتبط بالكلمات المغناة , إذا طرب الخاطر
مرتبط بالمطرب , فحين يوجد المطرب فأنه يكرب بطرب الخاطر , وهو طرب الكلمات – وقفة
قصيرة للتوضيح – أن طرب الخاطر يبهج حتى بدون موسيقى , فعندما تقول بالصوت المجرد
لمن تحب : أني أحبك . فأنه يطرب خاطره كثيراً و يشعر بالسعادة والسرور , و يتغير
جوه إلى جو الربيع , و يعيش في تخيل بين جنان و جنان , ذلك لأنك أطربت خاطره بكلمة
( أني أحبك ) بدون موسيقى و بدون سلم موسيقي , و بدون أداء مطربي متمكن , و بدون
صوت جميل مرتب , فقط معنى الكلمة !, .. وهذه مغالطة كبيرة يتشجع بها المطربين ,
بأنهم رجال طرب و حب كبير , متناسين طرب النغم و طرب الجسم و طرب العقل !!.
5- على ما ذكرناه هناك سؤال : هل بالإمكان فصل الطرب ؟. يعني هل بالإمكان
بأن نفصل طرب الخاطر المغنى , من الطرب المنغم للمغني ؟. نعم نستطيع بكل سهولة , وهذه
أمكانية من أمكانية الغناء , فقط البعد عن التطريب و عمل أداء و ليس طرب مغني ,
لكي تكون عمليه الفصل بينهما , أشرف و
انبل و أتقن و أحب و أجمل و أكمل , فيبتعد عن الألحان الطربية التي صممت للإيحاءات
والإيماءات بالغرائز الجنسية و المغازلات , و تصنع و توضع الحان فيها رسائل خير و
طيبة و منفعة للناس , أذا ليس هناك المشكلة في طرب الخاطر وطرب النغم , إذا فصل
عنهما طرب الجسم و طرب العقل .
6- لقد أتضح لنا حتى الآن بأن مفهوم الموسيقى , هو نغم في نغم و ليس غناء ,
بل تأخذ الموسيقى المنغمة لكي يوضع عليها طرب الخاطر , و تبدأ هناك المشكلة و تكون
( مشكلة عويصة ) .
7- و للخروج بمفهوم عام للطرب , هو أن الطرب هو صناعة مطرب إنسان , و هناك
من أجناس الطرب , ما هو نغم من الطبيعة و لكنه بدون طرب الخاطر و طرب الجسم و
الطرب العقل , و أن الغناء هو حصيلة المغني الإنسان بكافه طرائقه , غناء فردي و
غناء مع النغم الطبيعي , و غناء مع النغم للآلات الموسيقية , ولكن يكمن العجز هنا
في أمكانية غناء إبليس اللعين و غناء الإنسان , فأن إبليس اللعين عندما غنى كان طليقاً
بدون حسيب و لا رقيب يقفه عند حده , و كذلك الإنسان قد غنى و هو طليق بدون حسيب و
لا رقيب يوقفه عند حده .
8-
أن معاهد الموسيقى و الغناء , لا تعتمد النصح والإرشاد للمتدربين , و
كذلك مدارس الموسيقى و الجامعات , ليس لديها مقررات تفهم و توضح للدارسين به خطورة
الموسيقى والغناء و الطرب , لذلك فأن الخلط بين الغث و السمين و الصافي الجزل من
المعلومات , هو الخطاء الجسيم الذي وقعت فيه جهات تعليم الموسيقى والغناء و الطرب
, يتخرج الدارس و هو في تخبط بين الطرب و
الموسيقى و الغناء , و لو بحث عن أسباب ذلك الخلط و التخبط , تجدها مكمنة في
محرمات الطرب و الموسيقى والغناء , المعتمة على الدارس , و لكي نخرج و نؤهل أناس
أكاديميون متخصصون فاهمون مدركون لحقائق خطورة الطرب على الإنسان , يجب علينا أن نفهمهم بأن الطرب شيء و الغناء شيء
آخر و الموسيقى شيء ثالث .
9- لو دققنا في مفهوم الطرب و حاولنا أن نخرج بمفهوم له , نجد أن الطرب هو
عبارة عن تجميع أعمال لمطرب , يقوم المطرب بأدائها لكي تكون هذه الأعمال طرباً ,
فالطرب هو جامع لبواقي متشابهاته من نفس جنس أدائه , أي من طرب الطبيعة و الطرب
المنغم للإنسان , على طرب الخاطر للحصول على طرب الجسم و طرب العقل .
10-
أما بالنسبة للموسيقى
فأنها عبارة عن نغمات و تستخدم هذه النغمات لوحدها , أو تتبع بنغمات الإنسان من
صوته .
11-
و أما بالنسبة
للغناء فأنه ثابت أولاً للشيطان اللعين , ثم ورثه منه الإنسان .
12-
و عن المطربون من
الطرب فأنهم البشر بعد الشياطين , أما موسيقى الطبيعة التي أطلق عليها طرباً لأنها
تطرب الإنسان , أي تطرب خاطره و توحي له بالأنس من بأصوات الطبيعة , فأنها ليست طاربه
بطرب الجسم و طرب العقل . فالطرب ليست له فائدة بدون عملية التطريب لمن أرادها من
البشر أو الجان .
13-
أن طرب الإنسان العام
هو عبارة عن تعويذه نغمية بحد ذاتها , لا ترقى إلى كونها رقية إيمانية شرعية , و كما يسمون عقلاء الطرب تعويذه
الطرب , بتعويذة و رقية الشياطين .
اعتذار للقراء الكرام :
قد يقفهم أن قصدي من كتابة هذه التداوين هو : أنني
ضد أحد ما طربياً , أو لي رأي خاص بي و أنا أدافع عنه , ففي فكري في الكتابة و
توجهي المعلوماتي , نحو أنني أحاول سرد الحقيقة على المقاصد منها , وفي كل مقالة
يكون مسرى الرأي يختلف على مجرى رأي المقالة القادمة , ذلك لأن موضوع الطرب الذي
أتحدث عنه هو موضوع عام , و ليس موضوع خاص بي و أنا قد ابتكرته , فما دام الموضوع
عام , فأن العامة من الناس لهم أراء تختلف , و توجهات و أطماع و أهداف و غايات
تختلف عن بعضهم البعض , فأنا لا أرضي أحد على حساب أحد . ولكني أحاول أيجاد
الحقيقة الصادقة فقط لا غير أيجاباً و نكراناً .