الاثنين، 21 يناير 2019

مطربين الأحساء

بعد كشفه لغز السيمفونية المحترقة.. الصياد يقتنص جائزة النقد الموسيقى


فاز الشاعر والباحث الفلسفى كريم الصياد، بمسابقة النقد الموسيقى، التى ينظمها المجلس الأعلى للثقافة، ويشرف عليها الموسيقار الكبير راجح داوود.

دراسته التى حازت الجائزة كانت بعنوان "انقطاعات سيبليوس: لغز السيمفونية المحترقة"، تناولت موسيقى الفنلندى الأشهر يان سيبليوس، المولود عام 1865، والذى توفى عام 1957.
يبحث الصياد فى دراسته عن إجابات لأسئلة منها: "هل شعر سيبليوس أنه وصل إلى الكمال الجمالى التام؟ أم شعر بأنه وصل إلى آخر ما يمكن أن يصل إليه هو؟ هل وجد أنه حصّل من المجد والمادة ما يكفيه وقرّر التقاعد؟ هل انقطع إلهامه؟ هل تسبب إدمانه للكحول، الويسكى تحديدًا، فى تلف عصبى أقعده عن التأليف؟ لماذا أحرق بيديه سيمفونيته الثامنة، آخر أعماله التى لم تتم؟ ما سبب ذلك الشلل الجمالى؟ والأهم من ذلك: ما دلالته الوجودية؟".
فى دراسته يقول صاحب ديوان "آلهة الغسق": سيبليوس ليس الموسيقار الوحيد الذى قرّر التوقف عن التأليف، هناك أيضًا روسينى وفردى وبول دوكا وموسورسكى وجلازنوف وتشارلز أيفز، ولكن الاختلاف أن هؤلاء استثمروا ما بقى من حياتهم فى تجويد أعمالهم، أو قيادة الأوركسترا، أو العزف، أو التدريس، أو العودة إلى التأليف بعد فترة مثل فردى.
ويوضح: المثير فى موقف سيبليوس هو توقفه التام عن أى نشاط موسيقى حتى وفاته، كأنما هو موقف من الموسيقى أو الإنسان أو العالم، موقف يرقى إلى مستوى أعلى من مجرد التقاعد، وإذا كان الصمت أحيانًا أبلغ من الكلام، فإن بعض الصمت أبلغ من بعضه، خصوصا حين يكون انقطاعًا لعقلية تركيبية لم يرَ تاريخ الموسيقى لها مثيلًا ربما منذ برامز.
وعن حرق سيبليوس السيمفونية الثامنة، كتب الصياد فى دراسته: الحرق هو أبلغ إعدام. والإعدام أبلغ رقابة. إنه الحركة الأقرب إلى العدم، حيث يتحول شىء إلى رماد، وحيث يُحذَف تمامًا تقريبًا من الوجود كلحظة خارجة.
لكن حرق سيمفونية له معنى أكثر تركيبًا، فإن سيبليوس حين حرق ثامنته عمدًا لم يصر "مؤلف السيمفونيات الثمانى إلا واحدة"، بل صار "مؤلف السيمفونيات السبع، وقاتل مؤلف السيمفونيات الثمانى". وإذا كان تاريخ النقد الأدبى المعاصر يتحدث فى سياق البنيوية عن موت المؤلف، نستطيع نحن فى هذا المقام التحدث عن انتحار الموسيقار.
كريم الصياد، أديب وأكاديمى مصرى، يدرس حاليًا للدكتوراه بجامعة كولن بألمانيا الاتحادية، ومن أعماله الشعرية كتاب "منهج تربوى مقترح لفاوست"، وهو الديوان الشعرى الثانى له، ويعالج فيه قصّة فاوست، بأسلوب شعرى تطورى، يتتبع مراحل تكون مركب فاوست فى الفكر والشعور.